يحذّر أنتوني لوينشتاين في هذا المقال من أن سلوك الحكومة الإسرائيلية وخطابها الدعائي لا يحمي اليهود، بل يضعهم في دائرة خطر متزايدة حول العالم. يكتب لوينشتاين، وهو صحفي يهودي، من موقع القلق الحقيقي على مجتمعه، مؤكّدًا أن استغلال المآسي الإنسانية لتبرير سياسات إسرائيل في غزة لم يعد مجرد تضليل سياسي، بل صار تهديدًا مباشرًا لليهود أنفسهم.

 

يشير ميدل إيست آي إلى أن الهجوم المعادي للسامية في شاطئ بونداي في سيدني شكّل فرصة سريعة للحكومة الإسرائيلية كي تطلق سيلًا من السرديات الزائفة. خلال ساعات من الجريمة، اتهم بنيامين نتنياهو ووزراء بارزون الحكومة الأسترالية بتشجيع العداء لليهود بسبب اعترافها بدولة فلسطين ورفضها حظر التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.

 

استثمار المأساة وصناعة الخوف

 

يرصد الكاتب كيف اندفعت شخصيات رسمية وإعلامية إسرائيلية إلى تضخيم الحدث وربطه بسردية عالمية عن “حرب ضد اليهود”. نشر مسؤولون سابقون تصريحات تزعم أن يهود العالم “يُطاردون” وأن أحداث السابع من أكتوبر ألهمت هجومًا عالميًا عليهم. يرى لوينشتاين أن هذا الخطاب افتقر إلى أي منطق، خاصة في وقت لم تتضح فيه دوافع الجريمة بعد، ولم يثبت ارتباطها بتنظيمات إسلامية.

 

ينتقد المقال تعامل وسائل إعلام أسترالية وعالمية مع هذه التصريحات بوصفها تحليلات موثوقة، رغم أن الحكومة الإسرائيلية تواجه اتهامات خطيرة بارتكاب إبادة جماعية في غزة. يوضح الكاتب أن الخوف من اتهامات معاداة السامية دفع كثيرًا من الصحافيين والمحررين إلى الصمت أو التواطؤ، ما سمح بمرور الرواية الإسرائيلية من دون مساءلة حقيقية.

 

دعاية تتجاهل جوهر المشكلة

 

يشير لوينشتاين إلى أن إسرائيل وحلفاءها يشيطنون أنصار فلسطين السلميين، ويغذّون خطاب الكراهية ضد المسلمين، في محاولة لتعويض خسارتهم المتزايدة في معركة الرأي العام بعد أكثر من عامين من القتل الجماعي في غزة. يلفت المقال إلى دراسة كلفتها وزارة الخارجية الإسرائيلية أظهرت تدهور صورة إسرائيل عالميًا منذ أكتوبر 2023، واقترحت مواجهة ذلك بإثارة الخوف من “الإسلام المتطرف” و”الجهادية”.

 

يرى الكاتب أن المشكلة لا تكمن في ضعف العلاقات العامة، بل في السياسات نفسها: التطهير العرقي المستمر في الضفة الغربية وغزة. ورغم ذلك، تخطط الحكومة الإسرائيلية لإنفاق 2.35 مليار شيكل على حملات دعائية في موازنة 2026. يتساءل لوينشتاين عن جدوى هذا الإنفاق، موضحًا أن إسرائيل تركّز بشكل خاص على المجتمع الإنجيلي في الولايات المتحدة، الذي شكّل تاريخيًا أكبر قاعدة دعم لها.

 

يذكر المقال أن الحكومة الإسرائيلية موّلت رحلات لألف قس إنجيلي إلى إسرائيل لتدريبهم كسفراء لها، بينما تجاهلت المسيحيين الفلسطينيين المحليين. يربط الكاتب هذا التحرك بتراجع الدعم بين الإنجيليين الشباب، الذين باتوا أكثر تشككًا في السياسات الإسرائيلية وأكثر حساسية لقضايا الظلم، وفي مقدمتها ما يجري في فلسطين.

 

إبادة منقولة مباشرة وتداعياتها

 

يؤكد لوينشتاين أن إسرائيل تواجه عالمًا متغيرًا. ينقسم اليمين الأميركي نفسه حول دعم الصهيونية، بينما تخسر إسرائيل قطاعات واسعة من اليهود الليبراليين في الولايات المتحدة وخارجها. في المقابل، يحتضن اليمين المتطرف في أوروبا إسرائيل بسبب مشروعها القومي الإثني. يصف الكاتب هذا التحول بوصفه نتيجة طبيعية لسنوات من إبادة تُبث مباشرة على الشاشات.

 

يصرّح الكاتب بوضوح أن سلوك إسرائيل يعرّض كل يهودي للخطر، بما فيهم هو شخصيًا. يعترف بواقع تصاعد معاداة السامية، ويعبّر عن قلقه الحقيقي بوصفه يهوديًا، لكنه يرفض تشبيه دول مثل أستراليا ببرلين عام 1933. ينتقد الادعاءات التي تساوي بين التضامن مع فلسطين والتهديد الوجودي لليهود، معتبرًا أن الخوف من رموز مثل البطيخ أو هتافات “فلسطين حرة” يفتقر إلى المعقولية.

 

يختتم لوينشتاين مقاله بالتأكيد أن هجوم بونداي يبرز الحاجة إلى اليقظة والتعليم والأمن، لكنه لا يبرر استخدام إسرائيل للمأساة أداةً دعائية. يرى أن تل أبيب تسعى إلى تشويه الحكومة الأسترالية لا لحماية اليهود، بل للتلاعب بنقاش عام تحاول من خلاله استعادة شرعيتها بعد سنوات من مشاهد الدمار في غزة. يدعو الكاتب في النهاية إلى إعلام يملك الشجاعة لمساءلة دوافع نتنياهو، ويعلن شكه العميق في قدرة الدعاية الصهيونية، القديمة والمتجددة، على إخفاء حقيقة ما يجري على الأرض.

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/israel-propaganda-machine-endangers-every-jew-on-planet-including-me